شارك Facebook Facebook Facebook
27/رجب/1441

رسالة رئيس الشؤون الدينية أرباش بمناسبة ليلة المعراج

قام رئيس الشؤون الدينية الأستاذ الدكتور علي أرباش في رسالته الخاصة بليلة المعراج بتهنئة العالم الإسلامي بمناسبة حلول هذه الليلة، وأشار إلى الأهمية التي منحها الإسلام لحياة الإنسان، وأوضح أن الالتزام بالتدابير والاحتياطات التي قامت الدولة باتخاذها لمواجهة فيروس كورونا هو بمثابة الوظيفة الرئيسية الأولى لكل شخص.

إخواني الأعزاء،

إننا في هذه الليلة سوف ندرك بإذن الله ليلة المعراج التي أسري فيها برسولنا صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ومن ثم أعرج به فيها إلى السماء.

وإن المعراج الذي يحوي في طياته الكثير من الحكم، يعبر عن تلك الرحلة العميقة المعجزة المليئة بالحكمة والتي تجلت فيها لرسولنا صلى الله عليه وسلم قدرة الله عز وجل وآياته التي لا تنفد.

ولا شك أن المعراج هو هدية إلهية تبين أن الذين يعيشون وفق ما يعتقدون ويؤمنون به، من خلال ثباتهم على التوحيد والعبادة والصبر والاستقامة رغم كل العقبات والصعوبات، لن يتركوا أبداً لوحدهم ولن يبقوا دون عون ومدد. وقد كانت معجزة المعراج التي حدثت  بلطف من الله عز وجل خلال العهد المكي للرسالة المحمدية، والتي وجاءت في زمن هو الأكثر مشقة وحزنا وصعوبةً على رسولنا صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة الأوائل، بمثابة مواساة كبيرة وعون إلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللقلوب المؤمنة.

إن حادثة المعراج التي تجلت في شخص النبي صلى الله عليه وسلم، يقابلها الصلاة لدى جميع المؤمنين. وذلك لأن الصلوات الخمس في اليوم والليلة التي هي أحد أهم ما نتج عن معجزة المعراج، هي السبيل الوحيد للارتقاء إلى المشاعر العلوية بعد خلاصنا وطهارتنا من الرغبات الدنيوية والسفلية التي تخنق أرواحنا. ولا شك أن الصلاة هي بلوغ رحمة الله ومغفرته التي لا نهاية لها بعد تجاوز حدود هذا العالم المادي.

وبموجز القول، فإن المعراج هو بمثابة بشرى لقلب مطمئن في أمن الإيمان بالله عز وجل، ولحياة مستقيمة على طريق الإخلاص والوفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمستقبل مشرق في سرور الحب للصلاة. ولذا، فإنه يجب علينا أن نقوم في ليلة المعراج التي هي أحد المحطات المهمة في عمرنا المحدود، بترسيخ إيماننا تجاه ربنا عز وجل، وترسيخ إخلاصنا ووفائنا لرسولنا صلى الله عليه وسلم، وكذلك ترسيخ محبتنا وحبنا للصلاة على نحو أكبر.

ومن جانب آخر فإن هذه الليلة، تعهد إلينا بمسؤولية حماية شرف وكرامة المسجد الأقصى المبارك الذي هو معبد المعراج. فلا شك أن المسجد الأقصى اليوم الذي هو قبلتنا الأولى وكذلك القدس في وضع المظلوم وفي حالة محزنة. وإنه لا يمكننا أن نتخلص من هذه المسؤولية التي عهد المعراج بها إلينا ما لم نحافظ على المسجد الأقصى المبارك على أنه أمانة رسل الله عز وجل وأنه ميراث حضارتنا العريقة، وما لم نسعى لتحريره. أما طريق تحرير مسجد المعراج من الاحتلال والظلم، فهو يمر عبر التحرك في ظل الوحدة والاتحاد بعد الابتعاد عن كل فعل أو قول من شأنه أن يزعزع وحدة الأمة. وما يقع علينا هو أن نكون الأمل لعزة أمة الإسلام ورفعتها من جديد من خلال العزم والإرادة والبذل الذي سنتمسك به في هذا السبيل.

أما الأمر الآخر الذي أريد أن أذكر به شعبنا بمناسبة هذه الليلة المباركة، فهو ضرورة المكافحة ضد وباء فيروس كورونا المستجد الذي تحول لخطر عالمي والذي تسبب في وفاة الآلاف من الأشخاص لأنه لم يتم اكتشاف علاج له حتى الآن. ولا شك أن ديننا الذي يعتبر الطهور على أنه نصف الإيمان، يضع حياة الإنسان وصحته فوق كل اعتبار. ولهذا السبب، فإن الالتزام بالتدابير والاحتياطات التي أعلنت عنها جهات الدولة ذات الصلاحية يجب أن يكون الوظيفة الرئيسية الأولى لنا جميعاً.

وبالإضافة لذلك، فإنه يجب علينا في أيام الابتلاء هذه التي نعيشها اليوم، أن نرفع أيدينا إلى واسع رحة ربنا عز وجل بتأنٍ وتؤددة وأن نستعين بالصبر والصلاة به وأن نطلب منه العون والمدد من أجل شعبنا أولاً ومن أجل العالم الإسلامي وكذلك من أجل الإنسانية جمعاء. ولنعلم أن مفاتيح كل صعوبة ومحنة دنيوية هي في يد قدرة ربنا عز وجل. ولا ريب أن "اللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ"

وإنني من خلال هذه الشعور والفكر أهنئ شعبنا العظيم وجميع العالم الاسلامي بمناسبة ليلة المعراج؛ وأسأل الله عز وجل أن تكون هذه الليلة المباركة وسيلة لهداية العالم الإسلامي والإنسانية جمعاء ولنجاتهم وخلاصهم من المحن والصعاب التي يمرون بها.

الأستاذ الدكتور علي أرباش

رئيس الشؤون الدينية