رسالة رئيس الشؤون الدينية أرباش بمناسبة حلول ليلة النصف من شعبان (ليلة البراءة)

رسالة رئيس الشؤون الدينية أرباش بمناسبة حلول ليلة النصف من شعبان (ليلة البراءة)

14/شعبان/1443

سندرك في هذه الليلة وبإذن الله تعالى ليلة النصف من شعبان (ليلة البراءة) حيث الليلة التي تتجلى فيها رحمة الله الواسعة وعفوه ومغفرته على وجه الأرض.

ليلة النصف من شعبان التي تُبشر باقتراب شهر رمضان المبارك، هي ليلة محاسبة لتلافي الأخطاء بضبط الحياة السريعة وكبح رغباتها اللامتناهية، وليلة محاسبة للتطهر من الذنوب والخطايا. وهي ليلة لتنظيم المواقف والسلوكيات والرجوع إلى الأعمال التي ترضي الله تعالى، مع إدراك السبب من وجودنا والغاية من خلقنا. الليلة هي وسيلة مهمة للبحث عن ملجأ في رحمة الله اللامتناهية بوعي العبودية ولكسب مغفرته الواسعة.

إن رحمة الله تعالى وعفوه ومغفرته وعطفه تشمل المخلوقات جميعاً. ولكن براءة كل إنسان تستند إلى نواياه الخاصة ونصيبه مخفي في مسعاه. وفي هذه الحالة فالأمر متروك لنا للابتعاد عن كل أنواع السلبيات التي تُظلم قلوبنا وتضيّق أرواحنا وتعقّد حياتنا، وللوفاء بمسؤوليات عبوديتنا بصدق وإخلاص، ولتحديد استقامة مستقبلنا، ولكسب البراءة من عذاب مخلد. ويجب أن نجعل من هذه الليلة ميلاداً جديدًا لخلاصنا وارتقاءنا المعنوي.

وبقدر إرادتنا للتطهر من الذنوب والخطايا، علينا أيضاً أن نسعى جاهدين لإنهاء الشرور التي تحيط بالعالم، وأن نسعى من أجل أن يعمّ الخير والجمال بالبشرية جمعاء. ويجب أن نسعى جاهدين لجمع البشرية جمعاء، وخاصة أمتنا ووَحدة أمتنا، على محور الحق والحقيقة والعدالة والرحمة. ففي يومنا هذا وفي عالم تتسبب فيه الانجرافات الفردية في حدوث تمزق اجتماعي، تحتاج البشرية التي تواجه خطر الغرق في دوامة الوِحدة، وتكافح من أجل البقاء في خضم الأزمات والحروب والشدائد، إلى بوابة للخروج وطريق للخلاص. وفي زمن كثرت فيه أنواع العنف والأحداث التي تهدد الوَحدة والتعاضد الأسري والسِلم الاجتماعي والسلام، تأتي ليلة النصف من شعبان لتتيح للإنسان الفرصة لمواجهة نفسه، والتخلص من الذنوب والخطايا بالتوبة والاستغفار، والتقرب من الخالق عز وجل بالدعاء والعبادة، وتفتح له الباب لمستقبل أفضل.

فدعونا نتضرع الليلة بدموع الحسرة والندم لربنا الرحيم الذي قال: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ". ودعونا نلجأ لرحمة الله الواسعة بكل كياننا ونتضرع إليه وندعوه ونقول: "رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ". ونحن نعلم من بشرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله جل وعلا في هذه الليلة يجيب الدعوات الصادقة ويغفر لمن يستغفره.

وبهذه المناسبة أبارك لأمتنا الحبيبة وللعالم الإسلامي بأسره حلول ليلة النصف من شعبان. وأتمنى أن تكون ليلة النصف من شعبان التي سنحييها بالدعاء والذكر والعبادة والطاعة مصباحاً لقلوبنا الضيقة و قنديلاً لعقولنا المضطربة. وأسأل الله تعالى وبحرمة هذه الليلة المباركة أن يرفع عن أمتنا وعن الإنسانية جميع الهموم والآلام، وأن يبلغنا شهر رمضان المبارك بقلوب نقية خالية من المعاصي.

 

الأستاذ الدكتور علي أرباش

رئيس الشؤون الدينية